جُبران خليل جُبران كاتب, رسّام ونحّات لبناني النبَّي |
مقتطفات من كتاب
النبي:
|
جبران على الإنترنت: |
1. الصداقة... ثم قال له شاب: هات حدثناعن الصداقة. وإذا صمت صديقك ولم يتكلم, فلا ينقطع قلبك عن الإصغاء إلى صوت قلبه; لأن الصداقة لا تحتاج إلى الألفاظ والعبارات في إنماء جميع الأفكار والرغبات والتمنيات التي يشترك الأصدقاء بفرح عظيم في قطف ثمارها اليانعات. وإن فارقت صديقك فلا تحزن على فراقه; لأن ما تتعشقه فيه, أكثر من كل شيء سواه, قد يكون في حين غيابه أوضح في عيني محبتك منه في حين حضوره. لأن الجبل يبدو لمن ينظر إليه من السهل أكثر وضوحا مما يظهر لمن يتسلقه. ولا يكن لكم في الصداقة من غاية ترجونها غير أن تزيدوا في عمق نفوسكم. لأن المحبة, التي لا رجاء لها سوى كشف الغطاء عن أسرارها ليست محبة بل هي شبكة تلقى في بحر الحياة ولا تمسك غير النافع. وليكن أفضل ما عندك لصديقك. فإن كان يجدر به أن يعرف جزر حياتك. فالأجدر بك أيضاً أن تظهر له مدها. وما قيمة صديقك الذي لا تطلبه إلا لتقضي معه ما تريد أن تقتله من وقتك؟ فاسع بالأحرى إلى الصديق الذي يحيي أيامك ولياليك, لأن له وحده قد أعطي أن يكمل حاجاتك, لا لفراغك ويبوستك. وليكن ملاك الأفراح واللذات المتبادلة مرفرفاً فوق حلاوة الصداقة. لأن القلب يجد صباحه في الندى العالق بالأشياء الصغيرة, فينتعش ويستعيد قوته. 2. المحبة... حينئذٍ قالت المطرة: حدثنا عن
المحبة. وكما تعمل على نموكم, هكذا تعلمكم وتستأصل الفاسد منكم. وكما ترتفع إلى أعلى شجرة حياتكم فتعانق أغصانها اللطيفة المرتعشة أمام وجه الشمس, هكذا تنحدر إلى جذورها الملتصقة بالتراب وتهزها في سكينة الليل. المحبة على بيادرها تدرسكم لتظهر عريكم. المحبة تغربلكم لتحرركم من قشوركم. المحبة تطحنكم فتجعلكم كالثلج أنقياء. المحبة تعجنكم بدموعها حتى تلينوا, ثم تعدكم لنارها المقدسة, لكي تصيروا خبزاً مقدساً يقرّب على مائدة الرب المقدسة. كل هذا تصنعه بكم لكي تدركوا أسرار قلوبكم, فتصبحوا بهذا الإدراك جزءاً من قلب الحياة. غير أنكم إذا خفتم, وقصرتم سعيكم على الطمأنبنة واللذة في المحبة. فالأجدر بكم أن تستروا عريكم وتخرجوا من بيدر المحبة إلى العالم البعيد حيثما تضحكون, ولكن ليس كل ضحككم; وتبكون, ولكن ليس كل ما في ماقيكم من الدموع. المحبة لا تعطي إلا ذاتها, المحبة لا تأخذ إلا من ذاتها. لا تملك المحبة شيئاً, ولا تريد أن أحد يملكها. لأن المحبة مكتفية بالمحبة. ولا يخطر لك البتة أنك تستطيع أن تتسلط على مسالك المحبة, لأن المحبة إن رأت فيك استحقاقاً لنعمتها, تتسلط هي على مسالكك. والمحبة لا رغبة لها إلا في أن تكمل نفسها. ولكن, إذا أحببت, وكان لا بد من أن تكون لك رغبات خاصة بك, فلتكن هذه رغباتك: أن تذوب وتكون كجدول متدفق يشنف آذان الليل بأنغامه. أن تخبر الآلام التي في العطف المتناهي. أن يجرحك إدراكك الحقيقي للمحبة في حبة قلبك, وأن تنزف دماؤك وأنت راض مغتبط. أن تنهض عند الفجر بقلب مجنح خفوق, قتؤدي واجب الشكر ملتمساً يوم محبة آخر. أن تستريح عند الظهيرة وتناخي نفسك بوجد المحبة. أن تعود إلى منزلك عند المساء شاكراً: فتنام حينئذ والصلاة لأجل من أحببت تتردد في قلبك, وأنشودة الحمد والثناء مرتمسة على شفتيك. 3. الزواج... وقالت المطرة ثانية: حدثنا عن
الزواج؟ قفوا معاً; ولكن, لا يقرب أحدكم من الآخر كثيراً, لأن عمودي الهيكل يقفان منفصلين, والسنديانة والسروة لا تنموالواحدة منهما في ظل رفيقتها. 4. الأولاد... ثم دنت منه إمرأة تحمل طفلها على ذراعيها
وقالت له: هات حدثنا عن الأولاد. |